استهدف هذا البحث بصفة رئيسية تحديد دور التليفون المحمول في نشر بعض المعارف المتعلقة بترشيد الاستهلاک الغذائي بين الريفيات وذلک من خلال مجموعة من الاهداف الفرعية التالية: (1) التعرف على بعض الخصائص المميزة للريفيات المبحوثات، (2) تحديد درجة معرفة الريفيات المبحوثات ببعض المعارف والمعلومات المتعلقة بترشيد الاستهلاک الغذائي قبل وبعد التعرض للتليفون المحمول، (3) التعرف على معنوية الفروق بين متوسطات درجات معرفة المبحوثات لبعض المعارف المتعلقة بالترشيد الغذائي قبل وبعد استخدام التليفون المحمول، و(4) التعرف على معوقات استخدام التليفون المحمول فى نشر المعارف والمعلومات المتعلقة بترشيد الاستهلاک الغذائي.
 
وقد أجرى هذا البحث على عينة عشوائية بلغ قوامها 100 مبحوثة تم اختيارهن بطريقة عشوائية من اجمالى شاملة البحث والبالغ عددهم (2541) زوجة بقرية الکردود مرکز حوش عيسي وقد تم تجميع البيانات على مرحلتين باستخدام الاستبيان بالمقابلة الشخصية قبل وبعد استخدام التليفون المحمول فى نشر المعلومات المتعلقة بالترشيد الغذائى وقد تم معالجة البيانات کميا واستخدم فى عرض وتحليل النتائج البحثية کلا من النسب المئوية والمتوسط الحسابى والانحراف المعيارى واختبار(t  ) وتم الاستعانة ببرنامج التحليل الاحصائى (spss) لتحليل البيانات.
 وکانت ابرز النتائج البحثية مايلى؛
1-    تباين المستوى التعليمي للمبحوثات مابين غير المتعلمين تماما والحاصلين على شهادات فوق الجامعية.
2-    انخفاض کلا من الحيازة الأرضية المزرعية والحيوانية للمبحوثات، ومستوى الانفتاح الثقافى وکذلک الرضا عن الحياة بالقرية للمبحوثات.
3-    انخفاض دور الارشاد الزراعي فى نشر المعارف والمعلومات المتعلقة بترشيد الاستهلاک الغذائى .
4-    وجود اتجاه إيجابي لدى المبحوثات لاستخدام التليفون فى نشر التوصيات.
5-    جميع المبحوثات يوجد لديهن تليفون محمول وقد بلغ عدد التليفونات فى الاسرة الواحدة 7 تليفونات محمول کذلک انخفاض سن ابناء المبحوثات مستخدمى التليفون المحمول.
6-    اوضحت النتائج البحثية من وجهة نظر المبحوثات أن افضل طريقة لاستقبال المعلومات المتعلقة بالترشيد الغذائي هي المحادثة التليفونية.
 
المقدمة والمشکلة البحثية
يسعى الإرشاد الزراعي إلى تحسين مستوى معيشة الزراع وأفراد أسرهم من خلال إحداث تغييرات سلوکية مرغوبة تشتمل على إکساب الزراع معارف جديدة عن التکنولوجيا الزراعية, وإکسابهم مهارات التعامل مع تلک المبتکرات بصورة تضمن الإستخدام الفعال لها، وکذلک تکوين إتجاهات إيجابية نحو العمل الزراعى، وبناء عليه فالإرشاد الزراعى هو عملية تعليمية في المقام الأول, ويعتبر الإتصال من أهم العمليات التي يُرکز عليها الإرشاد الزراعي في نقل رسائله الإرشادية المتمثلة بالأفکار والممارسات والتقنيات الزراعية الحديثة النابعة من مراکز البحث العلمي إلى الزرّاع، کما يقوم الإرشاد الزراعي خلالها بنقل حاجات ومشاکل الزرّاع إلى مراکز البحث العلمي وذلک لمعالجتها وإيجاد الحلول المناسبة لها، وبالتالي فإن الإتصال يعتبر أساس عمل الإرشاد الزراعي، والذي يهدف من خلاله الى نقل وتوصيل الأفکار والتقنيات الزراعية إلى الزرّاع وهي نِتاج أبحاث علمية يرغب جهاز الإرشاد الزراعي في توصيلها في الوقت والکيفية التي تناسب الزرّاع لتنفيذها في حقولهم وذلک من أجل الارتقاء بواقع القطاع الزراعي وتطويره (عبد الواحد، 2015: ص29).
ولکون الإرشاد الزراعي عملية تعليمية فانه يعتمد على مجموعة کبيرة من الطرق والوسائل الارشادية المتنوعة نظرا للصعوبة النسبية لطبيعة التعليم الإرشادى وإرتباطه بالجوانب التطبيقية وللإختلاف الکبير في طبيعة وسمات الجمهور الإرشادى, ولايمکن الإعتماد على طريقة واحدة أو مجموعة محددة من الطرق في نقل وتوصيل الرسالة الارشادية والتى منها الطرق الفردية, والطرق الجماعية, والطرق الجماهيرية (قشطه، 2012،ص ص: 35- 36). ونظرا لما تتسم به المناطق الريفية في مصر من تفتت للحيازة المزراعية وخلل النطاق الاشرافي للمرشد الزراعي نتيجة لأسلوب التوظيف المتبع في الفترة السابقة مما قد يعوق إستخدام الطرق الفردية في الوصول إلى الزراع, ومن أجل ذلک کان من الضرورى البحث عن وسيلة إتصال تساعد المرشد في الوصول إلى أکبر عدد من الزراع, وکذلک توفر الوقت والتکلفة.
وقد أثرت تکنولوجيا الاتصال على تطور المجتمعات بشکل إيجابي, من خلال إتاحتها لمدى متنوع من وسائل ووسائط نقل وتبادل المعلومات غيرت طريقة تفکير الأفراد ومنهجياتهم في أداء الأعمال بمختلف قطاعات المجتمع (على ، 2012، ص: 902).
وقد ساعدت ثورة تکنولوجيا الإتصال والمعلومات على سرعة الإتصال والحصول على الکثير من المعلومات من مصادر مختلفة وفي وقت قصير، ويعتمد نجاح عمل الإرشاد الزراعي على مدى استفادته من تکنولوجيا الإتصال الحديثة (قشطة، 2012: ص198) لذا فإن توظيف تکنولوجيا المعلومات والإتصال في تفعيل الخدمة الإرشادية بات ضرورة ينبغي الإهتمام بها وتطبيقها (شعير، 2013: ص175) إذ تبين أن إستخدام تکنولوجيا المعلومات والإتصالات لها أثر بالغ في عمل الإعلاميين الزراعيين ويبرز ذلک الأثر في سرعة حصولهم على المعلومات الزراعية (رافع والجمل، 2007: ص1)،
ولا شک أن التليفون المحمول أصبح أحد أهم وسائل تکنولوجيا الاتصال الحديثة، حيث اوضح تقرير عن اخر الاحصائيات الرقمية ( السماوي، 2018) الي أن عدد مشترکي الهاتف المحمول بأنحاء العالم وصل إلى نحو 5,14 مليار نسمة، ليصبح أکبر وسيلة تم استخدامها في العالم على الإطلاق، وهذا الارتفاع يدلل على تأثيره الکبير في النواحي الاجتماعية والاقتصادية بالبلدان المختلفة.
وقد اتجهت المبادرات الدولية نحو تعظيم الاستفادة من الهاتف المحمول في رفع کفاءة التنمية الزراعية؛ فقد أشارت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة إلى القيمة الکبيرة للهاتف المحمول في الاستثمار الزراعي من خلال تأثيره على صناعة القرار الزراعي في ضوء إمکانياته التي تيسر من تقديم المعلومات الزراعية التي تتعلق بالطقس، والمناخ، ومکافحة الآفات، وغيرها مما ينعکس على دخل المزارع ( منظمة الاغذية والزراعة، 2012)
وقد رصد تقرير لوزارة الإتصالات في مصر أن عدد مشترکى المحمول في شرکة فودافون بلغ (41,74) مليون مشترک في يونيو 2018 بحصة سوقية (43,6%)، بينما وصل عدد مشترکي شرکة موبينيل (31,17) مليون بحصة سوقية (32,5%)، في حين بلغ عدد مشترکي شرکة اتصالات (19,79) مليون مشترک بحصة سوقية (20,7%)( وزارة الاتصالات، 2018)، ووفقا لهذه الإحصائيات فان إجمالى عدد المشترکين يصل إلى (95,73) مليون مشترک فإذا وضع في الإعتبار أن هناک من هم صغار السن لايحملون تليفون محمول، وقد يمکن الظن بأنه لايکاد يخلو بيت من تليفون محمول.
ونظرا لأهمية وانتشار التليفون المحمول فقد اتجهت وزارة الزراعة الي اطلاق خدمة  الارشاد الزراعي عبر المحمول وذلک - من خلال التعاقد مع احدي شرکات المحمول وهى شرکة فودافون في (15 يونيو 2011) بالتعاون مع مرکز البحوث الزراعية - بتقديم النصائح والإرشادات للفلاح المصري على مدار الساعة، (www.vodafone.com.eg/vodafoneportanab/r/pressreleses ).
وجدير بالذکر أن صغار الزراع لم يتحقق لأحدهم الإستفادة بمعلومة إرشادية واحدة وانما انحصرت الاستفادة في الشرکة التى حققت أرباحاً من مبيعات الخطوط, وتحولت الخدمة إلى تجارة لم تحقق فائدة، ومن ناحية اخري ثبت فشل التجربة تماما حيث اعتمدت الخدمة علي الرسائل في الوقت الذي يتسم الزراع فيه بعدم الالمام بالقراءة والکتابة (شبکة الزراعه، 2012(.
وبالرغم من ذلک فقد لاحظ الباحث - من خلال خبراته بالعمل الزراعي سواء من خلال العمل الميداني او لطبيعة النشأة الريفية - انتشار استعمال التليفون المحمول في مجال الإنتاج الزراعي.
مما سبق يتضح ان التليفون المحمول أصبح أحد أهم وسائل تکنولوجيا الاتصال الحديثة المنتشرة بين أفراد المجتمع المصري ولاسيما القطاع الريفي منه لسهولة تبادل المعلومات والمعارف في مختلف المجالات الحياتية ولا سيما في المجالات الاقتصادية الزراعية, ولذلک يمکن أن يلعب دوراً إرشادياً مؤثراً في نشر المعلومات والمعارف بين المسترشدين في مختلف المجالات الإرشادية وخاصة مجال ترشيد الاستهلاک الغذائي.
وبناءً علي ذلک فإن هذا البحث يسعي إلي الإجابة علي سؤال رئيسي هو هل يمکن أن يکون للتليفون المحمول دور في نشر بعض المعلومات والمعارف المتعلقة بترشيد الاستهلاک الغذائي بين الريفيات في قرية الکردود مرکز حوش عيسي محافظة البحيرة؟ ويتم الإجابة علي هذا السؤال من خلال الإجابة علي بعض الأسئلة الفرعية الآتية: ما هي بعض الخصائص المميزة للريفيات المبحوثات؟, وما هي درجة معرفة الريفيات المبحوثات بعض المعلومات والمعارف المتعلقة بترشيد الاستهلاک الغذائي قبل استخدام التليفون المحمول وبعد استخدام التليفون المحمول؟, وما مدي معنوية الفروق بين درجة معرفة الريفيات المبحوثات ببعض المعلومات والمعارف المتعلقة بترشيد الاستهلاک الغذائي قبل وبعد استخدام التليفون المحمول؟, وما هي معوقات استخدام التليفون المحمول في نشر المعارف المتعلقة بترشيد الاستهلاک الغذائي من وجهة نظر الريفيات المبحوثات؟