Elezaby, M., Azaz, H. (2024). مشاركة الشباب المصري في الإنتخابات الرئاسية مع دراسة حالة طلاب كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية A Study of Egyptian Youth Participation in the Presidential Election With A Case Study of Students of the College of Agriculture at Alexandria University. Journal of the Advances in Agricultural Researches, 29(2), 170-182. doi: 10.21608/jalexu.2024.291704.1198
Mohamed I Elezaby; Hammad Azaz. "مشاركة الشباب المصري في الإنتخابات الرئاسية مع دراسة حالة طلاب كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية A Study of Egyptian Youth Participation in the Presidential Election With A Case Study of Students of the College of Agriculture at Alexandria University". Journal of the Advances in Agricultural Researches, 29, 2, 2024, 170-182. doi: 10.21608/jalexu.2024.291704.1198
Elezaby, M., Azaz, H. (2024). 'مشاركة الشباب المصري في الإنتخابات الرئاسية مع دراسة حالة طلاب كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية A Study of Egyptian Youth Participation in the Presidential Election With A Case Study of Students of the College of Agriculture at Alexandria University', Journal of the Advances in Agricultural Researches, 29(2), pp. 170-182. doi: 10.21608/jalexu.2024.291704.1198
Elezaby, M., Azaz, H. مشاركة الشباب المصري في الإنتخابات الرئاسية مع دراسة حالة طلاب كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية A Study of Egyptian Youth Participation in the Presidential Election With A Case Study of Students of the College of Agriculture at Alexandria University. Journal of the Advances in Agricultural Researches, 2024; 29(2): 170-182. doi: 10.21608/jalexu.2024.291704.1198
مشاركة الشباب المصري في الإنتخابات الرئاسية مع دراسة حالة طلاب كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية A Study of Egyptian Youth Participation in the Presidential Election With A Case Study of Students of the College of Agriculture at Alexandria University
Dept. of Rural Development, College of Agriculture, at Alexandria University
Abstract
The study mainly aimed to conduct a theoretical analysis of the phenomenon of youth turnout participation in the last presidential election, and to conduct a field study on students of the college of Agriculture at Alexandria University. The objectives of this study included identifying the extent of student’s participation, the reasons and motivations for participation or non- participation, the relationship of some variables to participation, the role of the college of agriculture and Alexandria University in the participation, and to identify student’s demands from the elected president. The field study was conducted on a sample of 200 students from the college of Agriculture. The results of the study indicated that the participation rate of the students reached 74%. The most important reasons and motivation of participation were The students awareness and conviction that participation is their duty and their right, their concern for Egypt’s image in the world, their desire to support the political leadership in order to preserve the security of the nation, their desire to continue the development process and as a result of the role of the college and university in encouraging them, as well as their sense of the increasing state interest in youth in recent years. The results indicated the strong presence of statistically significant relationship between roles of the college and university and participation in presidential election. The results showed that there was a large agreement between the demands of the respondents from president Sisi and the goals that the president committed himself to achieving during his new presidency. The study ended by discussing its important results and presenting some proposals to increase the effectiveness of the role of Youth in political participation.
استهدفت الدراسة تحقيق هدفين رئيسين، الهدف الأول هو إجراء تحليل نظري لمشاركة الشباب المصري في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والهدف الثاني هو إجراء دراسة ميدانية علي عينة من طلاب كلية الزراعة بجامعة الاسكندرية للتعرف علي نسبة مشاركتهم في الانتخابات الرئاسية، وأسباب ودوافع تلك المشاركة، وعلاقة المشاركة ببعض المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، ودور كل من كلية الزراعة وجامعة الاسكندرية في هذه العملية، ومطالب المبحوثين من الرئيس المنتخب. وقد أجريت الدراسة علي عينة من طلاب الكلية، وقد خلص التحليل النظري لظاهرة الارتفاع الملحوظ لحجم مشاركة الشباب المصري في الانتخابات الرئاسية إلي أن ذلك كان نوعاً من التبادل الاجتماعي بين الشباب والنظام السياسي، واستجابة لبعض الدوافع والحاجات الاجتماعية لدي الشباب، وكنتيجة لتغير بعض العوامل الموقفية والمعيارية المؤثرة علي الشباب في السنوات الأخيرة.
وأشارت نتائج الدراسة الميدانية إلي أن نسبة مشاركة الطلاب في العملية الانتخابية بلغت حوالي 74%، وأن أهم أسباب ودوافع تلك المشاركة الواسعة كانت قناعة الشباب بأن مشاركتهم هي واجب وطني، ولرغبتهم في تحسين صورة مصر أمام العالم، ولدعم القيادة السياسية في حماية الأمن القومي، والدور الإيجابي الذي قامت به كل من الكلية والجامعة في هذا الشأن، وإحساسهم بزيادة اهتمام الدولة بقضايا الشباب في السنوات الأخيرة. وأوضحت نتائج الدراسة وجود علاقات معنوية إحصائياً بين كل من متغيرات دور الكلية والجامعة، والمستوي الدراسي للمبحوث، ومستواه الاقتصادي، وسنه، وحجم أسرته، وسابق مشاركته في انتخابات عامة من جهة ومستوي مشاركته من جهة أخري. وأوضحت نتائج الدراسة أيضاً وجود توافق كبير بين مطالب المبحوثين من الرئيس السيسي والأهداف التي ألزم بها الرئيس نفسه بتحقيقها خلال ولايته الجديدة. وأنتهت الدراسة بمناقشة أهم نتائجها، وتقديم مقترحات لزيادة فاعلية الشباب في المشاركة السياسية.
الكلمات الدالة: الشباب، المشاركة، الإنتخابات الرئاسية
مشكلة الدراسة
عقب إحدي المحاضرات بعد أيام قليلة من الإنتخابات الرئاسية سأل الباحث الأول للدراسة الحالية الطلاب عمن شارك منهم في الانتخابات الرئاسية، وكانت المفاجاة أن معظم الطلاب قد شاركوا فيها. لماذا كانت مفاجأة؟ لأن التصور المسبق هو أن الشباب يميلون إلي العزوف عن المشاركة في الانتخابات العامة، حيث لم تكن مشاركتهم في الانتخابات الرئاسية السابقة ملفتة، كما أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجهها مصر، والتي تأثرت سلبياً بسببها معظم الأسر المصرية والتي قد تكون مبرراً لعزوف الشباب عن المشاركة. وهنا يثور التساؤل عن أسباب ذلك التحول اللافت الذي جعل الشباب يتقدمون المشهد الانتخابي، وما الذي تغير وجعل الشباب يغيرون موقفهم من المشاركة في العملية الانتخابية؟ البحث عن إجابة علي هذه الأسئلة كان هو الدافع وراء إجراء الدراسة الحالية. وهو هدفها الرئيسي، وفيه تتمثل مشكلة الدراسة .
واقتضي تحقيق ذلك القيام أولاً، بدراسة نظرية تتركز أساساً في توظيف بعض معطيات النظريات الاجتماعية في محاولة تفسير أسباب مشاركة الشباب أو عدم مشاركتهم في الانتخابات العامة، وبخاصة في الانتخابات الرئاسية، والعوامل التي أدت إلي حدوث تغير في موقف الشباب من المشاركة، وذلك في ضوء الدراسات والتقارير المتاحة.
ثانياً، إجراء دراسة ميدانية علي طلاب كلية الزراعة بجامعة الاسكندرية – كدراسة حالة- لمشاركة هذه الفئة من الشباب في الانتخابات الرئاسية، حيث تطرح عدة تساؤلات عن حجم هذه المشاركة، والدوافع والأسباب وراء المشاركة او عدم المشاركة، والدور الذي قامت به الجامعة والكلية في هذا الصدد، وعلاقة بعض المتغيرات الاجتماعية والإقتصادية بالمشاركة أو عدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية.
أهداف الدراسة
في ضوء ما تقدم تسعي الدراسة الحالية إلي تحقيق الأهداف التالية:
1.تفسير أسباب مشاركة أو عدم مشاركة الشباب المصري في الانتخابات العامة، وخاصة في الانتخابات الرئاسية في ضوء بعض النظريات الاجتماعية.
2.التعرف علي أسباب مشاركة أو عدم مشاركة الطلاب في الانتخابات الرئاسية.
3.تحديد حجم ونسبة مشاركة طلاب كلية الزراعة بجامعة الاسكندرية في الانتخابات الرئاسية الأخيرة 2024.
4. علاقة بعض المتغيرات الاجتماعية والإقتصادية بمشاركة الطلاب في الانتخابات الرئاسية.
5. التعرف علي مطالب الطلاب المبحوثين من الرئيس المنتخب.
الإطار النظري
التصويت هو الوسيلة المتبعة من قبل مجموعة من الناس في اجتماع أو دائرة انتخابية لاتخاذ قرار معين أو للتعبير عن رأيهم، والذي يحدث عادة بعد مناقشات ومناظرات وحملات انتخابية لانتخاب أشخاص يديرون المناصب العليا في الدولة (Wikipedia). ورفض التصويت أو الامتناع عن التصويت هما من الخيارات المتاحة للناخبين. وهما يختلفان في المعني، فرفض التصويت يعني أن الناخب يختار عدم التصويت لأي من المرشحين، أما الامتناع عن التصويت فيعني عدم المشاركة في الانتخابات بأي شكل من الأشكال. وفي مصر يحظر القانون الامتناع عن التصويت بدون عذر ويفرض غرامة علي المخالف ( اليوم السابع، 2012)، وإن كان ذلك لا يطبق من الناحية العملية. ومما لا شك فيه أن الديموقراطية تصبح عرجاء او مشلولة أو إذا ما تكررت حالات الإمتناع عن التصويت في الانتخابات المختلفة ( عبد العزيز، 2020).
وعلي الرغم من عدم وجود إحصاءات رسمية متاحة عن نسبة مشاركة الشباب في الانتخابات الرئاسية الأخيرة إلا أن الشواهد العملية وتقارير المراقبين للعملية الانتخابية قد أجمعت علي الإقبال الشبابي الكبير وغير المسبوق علي المشاركة في العملية الانتخابية، وحرصهم علي الظهور بدور إيجابي في مختلف زوايا المشهد الإنتخابي، فقد كانوا في الصفوف الأولي للناخبين كما كانوا جزءاً من منظمات وجمعيات منوط بها مراقبة ومتابعة السباق الانتخابي ( (Arab News, 2023. كما أن نسبة المشاركة في الانتخابات التي بلغت 67% لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال مشاركة واسعة من الشباب الذين يمثلون قطاعاً عريضاً من الناخبين.
وقد ذكرت عدة أسباب لعزوف كثير من الشباب عن المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية الرئاسية السابقة من بينها إحساسهم بتهميش دورهم في الحياة السياسية، وفي عمليات صنع القرار علي المستوي المحلي والمستوي القومي، وانخفاض نسبة الديموقراطية.وقد كان الإقبال الشبابي الملحوظ في الانتخابات الرئاسية محل تقدير الرئيس السيسي، حيث جاء في كلمته بعد إعلان نتيجة الانتخابات أنه يشعر بالفخر وهو يشهد جميع فئات الشعب المصري تعبر عن نفسها، وفي المقدمة كان شباب مصر يعبر عن نفسه وعن هوية مصر ومستقبلها ( Youtube,2023).
هذا بخلاف ما حدث في الاستحقاقات الإنتخابية السابقة، والتي لوحظ فيها ضعف مشاركة الشباب فيها ، وعلي الرغم من ان الشباب كان المحرك الأساسي في الحراك السياسي المصري الذي أدي إلي الإطاحة بحكم مبارك وهو أيضاً الذي قاد الاحتجاجات التي أدت إلي الإطاحة بحكم مرسي والإخوان .
إذن، ما الذي حدث خلال السنوات التي سبقت الإنتخابات الرئاسية الأخيرة، والتي أدت إلي تحول الشباب من عدم المبالاة بالانتخابات، وعزوف الكثير منهم عن المشاركة فيها، إلي تحمسهم الكبير للإدلاء بأصواتهم في الإنتخاب الرئاسي، وتصدرهم للمشهد الإنتخابي، ومشاركتهم الفعالة في مختلف جوانب العملية الإنتخابية؟
للإجابة علي هذا السؤال تسعي الدراسة إلي توظيف معطيات بعض النظريات الاجتماعية في تفسير أسباب مشاركة أو عدم مشاركة الشباب في المشاركة السياسية، وعلي الأخص في الانتخابات الرئاسية، وكيف تحول عزوف الشباب عن المشاركة فيها إلي إقبالهم عليها.
التفسيرات النظرية لمشاركة الشباب في الانتخابات الرئاسية
أحد التفسيرات النظرية لتباين مشاركة الشباب في الشأن العام للمجتمع بصفة عامة، وفي الانتخابات الرئاسية بصفة خاصة يمكن إستخلاصه من نظرية التبادل الاجتماعي Social Exchange Theory ، وبخاصة ما تضمنه كتابات بلاو (Blau,1964)، وهومانز( Homans,1974)، فنظرية التبادل الاجتماعي أو المقايضة الإجتماعية تصور الأفراد علي أنهم يدخلون بصفة مستمرة في عملية تبادل للمنافع مع النظم الاجتماعية التي يعيشون في ظلها، حيث يعطون ويأخذون في المقابل أشياء ذات قيمة بالنسبة لهم. ومن هذا المنظور فإن عملية التبادل هذه تتضمن حساب التكلفة والعائد من نشاط معين، مع الأخذ في الاعتبار مختلف الوسائل البديلة المتاحة، فوجود البدائل يؤثر في تقدير الفرد لتكاليفه وعوائده المحتملة. والمنظرون لنظرية التبادل الاجتماعي يوسعون المفهوم الاقتصادي لتبادل السلع ليشمل تبادل القبول الاجتماعي والاحترام والتقدير والحب والأمن وغير ذلك من الأشياء المعنوية . والموارد المتبادلة ليس من الضروري أن تكون من نفس النوع.
ويمكن النظر إلي مشاركة الشباب في الانتخابات الرئاسية في ضوء هذه النظرية علي انها نوع من التبادل الإجتماعي. ويتوقف ذلك علي مدي اقتناعهم بأن الجهد والوقت الذي سوف يبذلونه، والموارد التي سوف يقدمونها في علمية المشاركة في العملية الإنتخابية سوف تعود عليهم بمنافع أكبر من تلك التي يعطونها، أو أكبر من تلك التي يمكنهم الحصول عليها من المصادر الأخري المتاحة لهم.
فعلي سبيل المثال، فإن بعض الشباب الذين لا يولون اهتماما بالمشاركة في الانتخابات العامة قد ينشطوا فجأة، ويذهبون للتصويت ومساندة مرشح معين، لأن ذلك المرشح قد وعدهم بخدمات معينة لهم، ومن ثم فهم يدخلون في عملية تبادل للموارد، اي يبذلون وقتاً وجهداً في مقابل خدمات يتوقعون الحصول عليها.
ويمكن تفسير سلوك الشباب المقبلين علي المشاركة في الانتخابات الرئاسية في ضوء هذه النظرية أيضاً بتزايد حاجة الشباب إلي الاحساس بالاستقرار والأمن في ضوء المخاطر المتزايدة بشأن الأمن القومي، وأن دعم مرشح معين سوف يحقق لهم ذلك.
وقد تكون مشاركة الشباب في الانتخابات الرئاسية في ضوء نظرية التبادل الاجتماعي نوعاً من رد الجميل من الشباب لمن قدم لهم منافع سابقة ذات قيمة بالنسبة لهم، فكثير من الشباب الذين ذهبوا للتصويت في الانتخابات الرئاسية قد فعلوا ذلك كنوع من رد الجميل لمن كان له الفضل في معالجتهم أو معالجة أحد من ذويهم من فيروس c الذي ظل يفتك بهم لسنوات طويلة. وكثير من الشباب الريفيين أرادوا رد الجميل لمن ساهم في تنمية قراهم وتوفير سبل الحياة الكريمة لهم من خلال مشروع حياة كريمة الذي ساهم في تحسين الاحوال المعيشية لملايين الريفيين، ويمكن أن ينطبق ذلك علي شباب المناطق العشوائية الذين انتقلوا وأسرهم للإقامة في مناطق لائقة توفرت لهم فيها سبل الحياة الكريمة بفضل جهود الدولة في هذا المجال وتبني الرئيس السيسي لمشروع تطوير المناطق العشوائية التي انتشرت في جميع المناطق الحضرية لعقود كثيرة. وقد تكون المشاركة نوعاً من رد الجميل من جانب الشباب الذين أتاحت لهم المشروعات القومية العملاقة التي تحققت في السنوات الأخيرة فرصاً للعمل وإنقاذهم من شبح البطالة.
وقد يقدم كثير من الشباب علي المشاركة في العملية الانتخابية اعترافاً منهم بما أتاحه لهم النظام القائم وعلي رأسه الرئيس السيسي في السنوات الأخيرة من فرص حقيقية للمشاركة في العمل السياسي من خلال المؤتمرات الشبابية، ودورات إعداد القادة، واتاحة الفرص لهم لتولي مناصب قيادية في الأجهزة التنفيذية.
وقد يأخذ التبادل مساراً آخر عندما يتبادل الشباب بعض المنافع مع الجهات التي يعملون بها، أو التي ينتسبون إليها، أو الأحزاب السياسية التي ينتمون إليها، حيث تقدم لهم تلك الجهات والهيئات حوافز مادية أو معنوية من أجل المشاركة في التصويت الانتخابي إذا كانت تلك الهيئات يهمها دعم مرشح معين أو توجه معين، مما يدفع الشباب إلي المشاركة من أجل الحصول علي تلك الحوافز. وقد لاحظ بعض المراقبين للعملية الانتخابية أن مشاركة الشباب هي محاولة لإرضاء الجهات التي تدعمهم، أو تلك التي ينتمون إليها.
وقد تتمثل عملية التبادل في رغبة الشباب في تحقيق مستقبل أفضل، ويرون أن ذلك يستوجب دعم إنتخاب مرشح معين يرون أنه قادر علي تحقيق ذلك. وقد يري بعض الشباب أن التصويت لصالح الرئيس السيسي سوف يكفل استمرار مسيرة التنمية التي بدأها وأنه أكثر من غيره هو القادر علي تحقيق ذلك، ومن ثم سوف يعود ذلك عليهم بالنفع مستقبلاً.
وقد تأخذ عملية التبادل الاجتماعي عقد موازنة بين ما يعتقده كثير من الشباب سلبيات وإيجابيات النظام القائم. فإذا ما وضع في جانب السلبيات ارتفاع اسعار السلع والخدمات وزيادة معدل التضخم، وسوء الادارة والفساد في بعض الأجهزة التنفيذية، وغياب القدر المأمول من الديموقراطية وحرية التعبير، ووضع في جانب الايجابيات الاستقرار والمحافظة علي الأمن في مواجهة التهديدات الخارجية والداخلية، والمشروعات التنموية العملاقة، والمبادرات الرئاسية في المجالات الصحية والاجتماعية، واهتمام الدولة المتزايد بالشباب فإن كفة الإيجابيات تفوق كافة السلبيات من وجهة نظر الشباب، والدليل علي ذلك يتمثل في المشاركة الواسعة في الانتخابات الرئاسية.
كانت هذه بعض التفسيرات المستندة إلي بعض معطيات نظرية التبادل الاجتماعي، والتي تفسر الزيادة اللافتة في حجم مشاركة الشباب في الانتخابات الرئاسية، والتي تفسر أيضاً كيف حصل الرئيس السيسي علي حوالي 90% من أصوات الناخبين. ولا يمكن أن تتحقق هذه النسبة المرتفعة إلا من خلال مشاركة واسعة من قطاع الشباب، خاصة وأن الظروف الاقتصادية الصعبة التي كانت تواجهها مصر قبيل الانتخابات - و مازالت- كانت توحي بإحجام الشباب عن المشاركة كنوع من الاحتجاج علي ما يراه الكثيرون من مسئولية الحكومة عن ذلك. ولكن يبدو أن الشباب قد فاجئوا كثيرا من المحللين بأنهم كانوا أكثر وعياً وإدراكاً وقدرة علي حساب تكاليف وعوائد عملية المشاركة في العملية الانتخابية، وأنهم قد حسموا الأمر لصالح العوائد.
بعض التفسيرات النظرية لظاهرة تغير مستوي مشاركة الشباب في الانتخابات الرئاسية يمكن استخلاصها أيضاً من نظرية الفعل الاجتماعي الطوعي Voluntaristic Action Theory لتالكوت بارسونز (1937). تفترض هذه النظرية أن لكل فرد أهدافه واهتماماته ودوافعه الخاصة به، وقد تختلف هذه الدوافع والاهتمامات والاهداف من وقت لآخر، وأن كل موقف يتطلب من الفرد اتخاذ قرارت تتعلق بالوسائل اللازمة لبلوغ الأهداف. ويتضمن كل موقف عوامل ومتغيرات عديدة تؤثر علي أفعال الفرد وسلوكه وقرارته، من بينها خصائص الفرد البيولوجية وظروف بيئته الطبيعية والإيكولوجية، ومنها أيضاً عوامل ثقافية واجتماعية، فالفرد ليس حراً في أفعاله وفقاً لأهوائه ورغباته ولكنه مقيد في أفعاله وسلوكه بمحددات مختلفة، كما أن توجهاته نحو الموقف الذي يحدث به السلوك يؤثر ايضاً علي هذا السلوك، أي أن عملية تحديد الأهداف، واختيار الوسائل المناسبة لتحقيقها لا تتأثر فقط بالعوامل والأحوال الموقفية العملية بل أيضاً تتأثر بالعوامل الثقافية من قيم ومعايير ومعتقدات وأفكار يعتنقها الفرد (Elezaby,1985 ).
من هذا المنظور يمكن القول بأن الناس يشاركون في الأنشطة السياسية لأنهم يعتقدون أن مشاركتهم هذه سوف تساعدهم في تحقيق أهدافهم الشخصية أكثر من غيرها من الوسائل المتاحة لهم، إلا أن هذه المشاركة ونتائجها تتأثر بالعديد من العوامل الموقفية والمعيارية الثقافية والتي قد يكون من بينها مثلاً العمر والمهنة والمستوي التعليمي والمستوي الاقتصادي، وشبكات الاتصال والتنظيمات السياسية والقانونية، والمنظمات الاجتماعية والاقتصادية، ودرجة شعور الأفراد بالولاء والانتماء للمجتمع، والخبرات السابقة في مجال المشاركة والعمل الجمعي، ونظرتهم إلي الأجهزة الداعية إلي الأنشطة السياسية التي تتطلب المشاركة، ودرجة المعرفة السياسية، والاتجاه نحو العمل السياسي.
يستخلص من هذه النظرية أن إحداث تغيير في سلوك وتوجهات الأفراد يتطلب إحداث تغيير في البيئة التي يعيشون فيها، أي في السياق الاجتماعي والثقافي المحيط بهم، وهذا ما حدث في ظاهرة تحول الشباب من حالة اللامبالاة والعزوف عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية إلي حالة الحماس والإقبال علي المشاركة فيها.
علي سبيل المثال، فقد ساعدت بعض العوامل الموقفية في إحداث تغيير في توجهات الشباب نحو العمل السياسي مثل جهود الدولة في إعداد مؤتمرات الشباب التي كان لها دورها في تعزيز الاتصال السياسي بين الشباب والدولة، ومنصة منتدي شباب العالم التي أعادت للشباب المصري الثقة في قدرته علي التأثير في الأحداث العالمية، والأكاديمية الوطنية للتدريب والتأهيل ودورها في تنمية الكوادر الشبابية، وهو الأمر الذي انعكس في زيادة نسب تمكين الشباب في المناصب التنفيذية والتشريعية ( المركز المصري، 2023).
كذلك فإن من الأمور التي تغيرت في السنوات القليلة قبل الانتخابات الرئاسية زيادة نشاط بعض الأحزاب السياسية في تحفيز الشباب للمشاركة السياسية. ووجود مرشحين من تلك الأحزاب في السباق الانتخابي أعطي زخماً لتلك الانتخابات، واستقطب كثيراً من الشباب للمشاركة فيها. وقد وضعت كثير من الأحزاب والكيانات المرتبطة بها ضمن أولوياتها تمكين الشباب ودمجهم في الحياة السياسية كتنسيقية شباب الأحزاب. وقد استحدثت الدولة آليات سياسية ساهمت في تعزيز دور الشباب كآلية الحوار الوطني الذي شهد تواجد شبابي قوي في المشهد السياسي.
ومن العوامل الموقفية التي ساهمت في تغيير اتجاهات الشباب نحو العمل السياسي وتعزيز دور الشباب في العمل الأهلي، هو ما حدث في مشروع حياة كريمة. ومابذلته كثير من الهيئات ذات الصلة بالشباب للمشاركة في عملية الانتخابات الرئاسية مثل الجامعات والمعاهد العليا والمنظمات الشبابية وكثيراً من جهات العمل التي قدمت حوافز ووفرت تسهيلات للمشاركة في العملية الانتخابية.
ومن العوامل التي ساهمت أيضاً في تزايد إقبال الشباب علي المشاركة في الانتخابات الرئاسية هو تسهيل اجراءات المشاركة في عملية التصويت، سواء من حيث تسهيل عملية التعرف علي اللجنة الانتخابية، أو تسهيل الوصول إليها، وكذلك إجراءات التصويت. لقد كان كثير من الشباب وغيرهم يعزفون عن المشاركة بسبب بعد محال إقامتهم عن مراكز الاقتراع خاصة المقيمين خارج محافظتهم الأصلية ولكن وجود لجان خاصة للمغتربين ساعد علي مشاركة العديد من الشباب في عملية التصويت الانتخابي.
يمكن أيضاً الاستفادة من بعض نظريات الدوافع مثل نظرية ماسلو للحاجات البشرية Human Needs (Maslow,1943 ) في تفسير السلوك السياسي للشباب، بما فيه المشاركة في الانتخابات الرئاسية ، وتفترض هذه النظرية أن حاجات الإنسان تنتظم في سلم هرمي تشغل الحاجات الفسيولوجية قاعدة هذا الهرم يعلوها الحاجة إلي الأمن ثم الحاجة إلي الحب والانتماء ثم الحاجة إلي الاحترام والتقدير، ثم تحتل قمة الهرم الحاجة إلي تأكيد الذات. والحاجات غير المشبعة تمثل المحرك الرئيسي للإنسان الذي يدفعه إلي العمل (Anderson,1981)، واستناداً إلي هذه النظرية يعتقد اندرسون أن الناس يشتركون في الأنشطة المجتمعية ليشبعوا مستوي مرتفع من مستويات الحاجات الانسانية مثل الحاجة إلي الإحترام وتأكيد الذات، أو الحاجة للشعور بالانتماء. وفي ضوء هذه النظرية يمكن القول بأن الشباب بعد أن شعروا بأنهم لم يعودوا مهمشين، وأن الدولة بدأت توليهم عناية خاصة، وتتيح لهم فرص التدريب والتثقيف السياسي، وتمكنهم من شغل المناصب القيادية في بعض الأجهزة التنفيذية والتشريعية زاد لديهم الدافع لإشباع حاجتهم إلي تأكيد الذات والشعور بالانتماء من خلال المشاركة في العملية الانتخابية.
ومن النظريات التي ترتكز علي الدوافع في تفسيرها لتباين الأفراد في درجة مشاركتهم السياسية نظرية ويلسون Wilson للدوافع التي تفترض أن ما يدفع الأفراد للعمل والمشاركة هو واحد من ثلاثة دوافع رئيسية هي الدافع للإنجاز والدافع إلي القوة والدافع للإشباع العاطفي. وتفترض أيضاً أن دوافع الفرد للعمل والمشاركة تختلف من وقت لآخر. فالافراد المدفوعين بالدافع إلي الإنجاز يرغبون في تحقيق شيئ ما في محيطهم أو في مجتمعهم، والأشخاص المدفوعين بالحاجة إلي القوة فإنهم يرغبون أن يكون لهم تأثير علي الآخرين، في حين يرغب الاشخاص المدفوعين بالحاجة إلي العطف والتقدير في مسايرة الغير والشعور بأنهم معهم في نفس المستوي ( العزبي ، 1987).
وفي ضوء هذه النظرية يمكن القول بأن كثيراً من الشباب قد أصبح لديهم قناعة بقدرتهم علي التأثير في مخرجات العملية الانتخابية بعد ان كان لديهم في الماضي شعور بأن مشاركتهم فيها لن تقدم أو تؤخر. كذلك فإن الاشخاص المدفوعين بالحاجة إلي التقدير من جانب الجماعات التي ينتمون إليها قد تكون مشاركتهم في العملية الانتخابية رغبة منهم في الحصول علي رضاء وتقدير تلك الجماعات كما في حالة الشباب الذين ينتمون إلي حزب سياسي معين، أو يعملون أو يدرسون في جهة معينة يهمها انتخاب مرشح معين.
في ضوء ماتقدم يمكن القول بأنه وفقاً لبعض معطيات نظرية التبادل الاجتماعي فإن الشباب الذين شاركوا في الانتخابات الرئاسية كان تقيميهم لتكاليف وعوائد عملية المشاركة في صالح المشاركة. وفي ضوء نظرية الفعل الاجتماعي الطوعي فإن تغير بعض العوامل الموقفية والثقافية المحيطة بهم قد أثر علي قرارتهم المتعلقة بالمشاركة. كذلك فإن بروز وزيادة تأثير بعض الدوافع الفردية كان له تأثير معضد للمشاركة في العملية الانتخابية.
فروض الدراسة الميدانية
في إطار تحقيق الهدف الرابع للدراسة، وهو التعرف علي علاقة بعض المتغيرات بمشاركة أو عدم مشاركة طلاب كلية الزراعة بجامعة الاسكندرية في الانتخابات الرئاسية، اختارت الدراسة بعض المتغيرات التي يعتقد أنها مؤثرة علي سلوك الطلاب بصفة عامة، والتي قد يكون لها تأثير علي سلوك الطلاب المتعلق بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية. واشتملت المتغيرات المختارة علي كل من جنس المبحوث وسنه ومستواه الدراسي، وخلفيته الريفية أو الحضرية، والمستوي الاقتصادي لأسرته وحجم الأسرة، وسابق المشاركة في الانتخابات ودور الكلية والجامعة. وتم صياغة الفرض البحث التالي:
توجد علاقة معنوية إحصائياً بين كل من متغيرات الجنس والسن والمستوي التعليمي والمستوي الاقتصادي وحجم الأسرة، والخلفية الريفية والحضرية، وسابق المشاركة في الانتخابات العامة ومدي الإنتماء للكلية من جهة والمشاركة في الانتخابات الرئاسية من جهة أخري.
وتسعي الدراسة لاختبار هذا الفرض بعد وضعه في صورة فروض إحصائية كالتالي:
Ho: r х y = o
HA: r х y ≠ o
حيث Hoهو الفرض الصفري، و HAهو الفرض البديل، و r х y هي العلاقة بين كل من متغيرات الدراسة المختارة ومنغير المشاركة في الانتخابات المختارة.
منهجية الدراسة
1.نوع الدراسة : يمكن وصف الدراسة بأنها من النوع التفسيري Explanatory بصفة أساسية لأنها تحاول تفسير أسباب المشاركة الشباب المصري عموماً، وطلاب كلية الزراعة بجامعة الاسكندرية بصفة خاصة، في الانتخابات الرئاسية، والتغيرات التي طرأت عليها، وذلك من خلال تحليل نظري يوظف بعض معطيات النظريات الاجتماعية في تفسير هذه الظاهرة، وأيضاً من خلال تحليل إحصائي لعلاقة بعض المتغيرات الشخصية والاجتماعية الخاصة بالمبحوثين من الطلاب بمتغير المشاركة في الانتخابات الرئاسية. كما أن للدراسة جوانب وصفية Descriptive أيضاً تتمثل في وصف المبحوثين وفقاً لمتغيرات الدراسة المختلفة.
2. شاملة وعينة الدراسة Population
تتكون شاملة الدراسة من جميع طلاب كلية الزراعة بجامعة الاسكندرية خلال العام الجامعي 2023/ 2024 . ويتمثل الإطار العيني للدراسة Sampling Frame في سجلات أسماء الطلاب في الصفوف أو المستويات الأربعة بمرحلة البكالريوس وعددهم 6065 طالباً وطالبة. وبعد إجراء اختبار أولي لاستبيان الدراسة تبين أن حوالي 20% من طلاب المستوي الأول لم تبلغ أعمارهم 18 سنة، أي ليسوا مقيدين في جداول الانتخابات، وبناء علي ذلك تم استبعاد 20% من طلاب المستوي الأول، وأصبحت شاملة الطلاب المقيديين في جداول الانتخابات وقوامها 5738 طالباً وطالبة.
وقد أستخدمت معادلة يماني (Yamane) في تحديد حجم عينة الطلاب الذين ستجري عليهم الدراسة، وهي كالتالي:
N
n= _________________________
1+ (N (e)2
حيث n هي حجم العينة، N هي حجم الشاملة ، e هو مستوي الدقة. وذلك عند مستوي ثقة 95% ، ومستوي دقة ± 7%، ودرجة تباين قدرها 0.5، وقد بلغ حجم العينة المختارة 196 طالباً وطالبة، ورؤي زيادتهم إلي 200 طالباً تحسباً لأي حالات غير ملائمة. تم إختيارهم بطريقة الحصة Qouta Sampling (العزبي، 2017).
وقد تم جمع البيانات من خلال إجراء مقابلات شخصية مع أفراد العينة البحثية، تم خلالها شرح أهداف الدراسة، وكيفية استيفياء بيانات الاستبيان المعد لذلك، وترك الوقت الكافي للقيام باستيفاء الاستبيان وإعادته للفريق البحثي. وقد تم جمع البيانات خلال الفترة من23 ديسمبر 2023 حتي منتصف فبراير 2024.
قياس متغيرات الدراسة
1.جنس المبحوث: تم قياسه كمتغير اسمي مكون من فئتين هما: ذكروأعطي قيمة رمزية = 2 وأنثي=1.
2. سن المبحوث: متغير رتبي مكون من ثلاث فئات: 18-19 سنة =1، 20-21 سنة =2 ، 22 سنة فأكثر=3.
3. المستوي الدراسي: الأول=1، الثاني=2، الثالث=3 ، الرابع = 4.
4.المستوي الاقتصادي للأسرة: متغير رتبي من ثلاث فئات هي : أعلي من المتوسط =3، متوسط= 2، أقل من المتوسط =1.
5. حجم الأسرة متغير رتبي مكون من فئتين: أقل من 5 أفراد =1 ، 5 أفراد فأكثر =2.
7. سابق المشاركة في انتخابات عام : متغير اسمي مكون من فئتين: شارك =2 ، لم يشارك =1.
8. دور الكلية والجامعة: متغير اسمي من فئتين هما: فعال=2 ، غير فعال =1.
9. المشاركة في الانتخابات الرئاسية : مكون اسمي من فئتين هما شارك=2، لم يشارك =1 .
أساليب التحليل الإحصائي
استخدمت مجموعة من الأساليب الاحصائية الملائمة لتحليل بيانات الدراسة، واختبار فروضها واشتملت هذه الاساليب علي التكرارات والنسب المئوية واستخدام مربع كاي في اختبار فروض الدراسة الإحصائية، واستخدام معامل الارتباط الرتبي Kendall´s Tau-b في قياس قوة واتجاه العلاقات الارتباطية بين متغيرات الدراسة.
نتائج الدراسة الميدانية
يشتمل الجزء التالي علي أهم نتائج الدراسة الميدانية في ضوء أهدافها:
أولاً: نسبة مشاركة الطلاب المبحوثين في الانتخابات الرئاسية: تشير البيانات المعروضة في جدول (1) إلي أن نسبة مشاركة طلاب كلية الزراعة بجامعة الاسكندرية في الانتخابات بلغت 74% من جملة عينة الدراسة وهي نسبة مرتفعة بلا شك بكل المقاييس، وهي اعلي من نظيرتها علي مستوي مشاركة الناخبين المصريين بصفة عامة والتي بلغت 69% وهذه النتيجة تتوافق مع الشواهد التي تم رصدها خلال العملية الإنتخابية التي أشارت إليها الدراسة النظرية، والتي أكدت علي تصدر الشباب للمشهد الانتخابي، مما يعكس تزايد اهتمام الشباب وحرصهم علي المشاركة السياسية عندما تتهيأ لها الظروف الموضوعية.
جدول (1) التوزيع النسبي لمشاركة طلاب كلية الزراعة في الانتخابات الرئاسية ومقارنتها بنسبة مشاركة الناخبين المصريين بصفة عامة.
المشاركون
%
شارك
لم يشارك
جملة
طلاب كلية الزراعة بجامعة الاسكندرية
74
26
100
الناخبون المصريون
69
31
100
المصدر: جمعت وحسبت من عينة الدراسة لطلاب كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية خلال العام الجامعي 2023/2024
ثانياً: أسباب ودوافع مشاركة الطلاب في الانتخابات االرئاسية
تضمنت قائمة أسباب ودوافع مشاركة المبحوثين في الانتخابات الرئاسية 12 سبباً ودافعاً ( جدول2)، يأتي في مقدمة تلك الأسباب والدوافع قناعة الشباب بأن المشاركة في الانتخابات الرئاسية واجب وطني ( 58% من المشاركين)، ورغبتهم في ممارسة ما يؤمنون أنه حقهم في انتخاب رئيسهم (52.5%). يأتي بعد ذلك في الأهمية فعالية الجهود التي بذلتها الكلية والجامعة في حفز وتوعية طلابها بأهمية وضرورة المشاركة (50.5%)، وتوفير بعض التسهيلات المساعدة في الوصول إلي لجان الانتخابات. السبب الرابع في الأهمية وراء المشاركة في الانتخابات الرئاسية هو رغبة المشاركين في تحسين صورة مصر امام العالم (50%). يتجلي ذلك في رفع نسبة المشاركة وإظهار مدي وعي واحترام الشباب بأهمية هذه المشاركة في إظهار مصر في صورة حضارية. ويأتي في المرتبة الخامسة رغبة المشاركين في استمرار مسيرة التنمية التي قادها الرئيس السيسي (49%)، وفي المرتبة السادسة من الأهمية يذكر المبحوثون أن تزايد اهتمام الدولة بالشباب وخاصة في السنوات التي سبقت الانتخابات كانت سبباً مهماً في تشجيعهم علي المشاركة كنوع من رد الجميل (43%)، وحث الدولة علي مواصلة العمل في مجال الاهتمام بقضايا الشباب. يأتي بعد ذلك أسباب ودوافع للمشاركة من بينها سهولة اجراءات العملية الانتخابية وتشجيع الاصدقاء والأهل، الرغبة في تأييد مرشح معين، وتأثير أجهزة الاعلام والتواصل الاجتماعي، ولوجود منافسة حزبية حيث اتيح للمرشحين الحزبين فرصاً متساوية في التعبير عن آرائهم وتصوراتهم وعرض مقترحاتهم لحل مشاكل مصر.
والمتفحص لأسباب ودوافع المشاركة التي ذكرها المبحوثون يري أنها تتفق بدرجة كبيرة مع نتائج التحليل النظري السابق عرضها الخاصة بمشاركة الشباب المصري في الانتخابات الرئاسية حيث إن بعض هذه الأسباب والدوافع النظر إليها كأشكال من المقايضة الاجتماعية، أو كاستجابة لدوافع وحاجات اجتماعية معينة، أو كنتيجة لتغيرات في العوامل الموقفية والمعيارية التي يحيا في ظلها الشباب المصري.
جدول ( 2 ) التوزيع النسبي لأسباب ودوافع المبحوثين للمشاركة في الانتخابات الرئاسية مرتبة حسب أهميتها النسبية
الاسباب والدوافع
%
الترتيب
1.لأن المشاركة واجب وطني
58
1
2. لتزايد اهتمام الدولة بالشباب
43
2
3.الجهود المبذولة من جانب الكلية والجامعة
50.5
3
4. لتحسين صورة مصر أمام العالم
50
4
5. الرغبة في استمرار مسيرة التنمية
49
5
6. لتزايد إهتمام الدولة بالشباب
43
6
7.لسهولة إجراءات العملية الانتخابية
38
7
8. تشجيع الاصدقاء والزملاء
38
8
9. تشجيع الأهل
37
9
10. الرغبة في تأييد مرشح معين
28.5
10
11.تأثير أجهزة الاعلام والتواصل الاجتماعي
27.5
11
12.لوجود منافسة حزبية
26.5
12
المصدر:جمعت وحسبت من عينة الدراسة لطلاب كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية خلال العام الجامعي 2023/ 2024
ثالثا: أسباب عدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية:
كما سبق ذكره فإن نسبة عدم المشاركين في الانتخابات الرئاسية في عينة الدراسة تبلغ 26%، وقد ذكروا عدة أسباب لذلك (جدول 3) أهمها من وجهة نظرهم هي : بعد لجان الانتخاب عن محال إقامتهم، ووجود مشاغل شخصية.
جدول (3) التوزيع النسبي لأسباب عدم مشاركة بعض المبحوثين في الانتخابات الرئاسية
الأسباب
%
1.بعد اللجان
41
2. المشاغل الشخصية
23.4
3. الازدحام الشديد في لجان الانتخابات
17.6
4. ظروف مرضية
6
5. صعوبة الموصلات
6
6. عدم الاهتمام بالسياسية
6
جملة
100
المصدر:جمعت وحسبت من عينة الدراسة لطلاب كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية خلال العام الجامعي 2023/ 2024
ويلاحظ أن معظم هذه الأسباب تتعلق بظروف شخصية خاصة ببعض المبحوثين، أو لصعوبة الوصول إلي لجان الانتخابات.
رابعاً: علاقة بعض المتغيرات بمتغير المشاركة في الانتخابات الرئاسية
تظهر النتائج الواردة في جدول (4 ) أن الذكور كانوا أكثر مشاركة من الإناث، وإن كانت نسبة كل منهما مرتفعة، كذلك فإن نسبة مشاركة الطلاب الأصغر سناً أكبر من نسبة مشاركة الطلاب الأكبر سناً، وكذلك الحال بالنسبة للمستوي الدراسي، وهذه النتيجة تتفق مع النتيجة السابقة إذا أنه من المنطقي أن طلاب المستويات الدراسية الأعلي هم غالباً الأكبر عمراً. أيضاً تشير النتائج إلي أن الطلاب الحضريين كانوا أكثر مشاركة من الطلاب الريفيين، وأن المبحوثين من أسر متوسطة المستوي الاقتصادي أكثر مشاركة من ذوي المستويات الاقتصادية الأعلي والأدني علي السواء، كذلك فإن الذين ينتمون إلي أسر أكبر حجماً وأن من سبق لهم المشاركة في انتخابات عامة أكثر مشاركة من الذين لم يشاركوا من قبل. ولعل أكثر النتائج الملفتة للنظر أن الغالبية العظمي من الذين شاركوا في الانتخابات الرئاسية (97.4%) يرون أن دور الكلية والجامعة في هذا الشأن كان فعالاُ، مما يشير إلي احتمال وجود علاقة ايجابية قوية بين دور الكلية والجامعة وبين مشاركة الطلاب في العملية الانتخابية.
جدول (4 ) التوزيع النسبي للمبحوثين وفقاً لبعض المتغيرات ومتغير المشاركة في الانتخابات الرئاسية
المتغيرات
الفئات
%
شارك
لم يشارك
جملة
1.الجنس
ذكر
77
23
100
انثي
71.7
28.3
100
جملة
74
26
100
2.السن
18: أقل من 20سنة
87.2
12.8
100
20: اقل من 21سنة
67.7
32.3
100
21 سنة فأكثر
59.6
40.4
100
جملة
74
26
100
3. المستوي الدراسي
الأول
90.7
9.3
100
الثاني
72.3
27.7
100
الثالث
69.4
30.6
100
الرابع
62
38
100
جملة
74
26
100
4. الخلفية الريفية الحضرية
ريفي
66.7
33.3
100
حضري
74.7
25.3
100
جملة
74
26
100
5.المستوي الاقتصادي للأسرة
أعلي من المتوسط
60.4
39.6
100
متوسط
81.7
18.3
100
أقل من المتوسط
57.1
42.9
100
جملة
74
26
100
6. حجم الأسرة
أقل من 5 أفراد
63
37
100
5 أفراد فأكثر
83.3
16.7
100
جملة
74
26
100
7. دور الكلية أو الجامعة
فعال
97.4
2.6
100
غير فعال
42.4
57.6
100
جملة
74
26
100
9. سابق المشاركة
سبق المشاركة
94.4
5.6
100
لم يسبق المشاركة
69.5
30.5
100
جملة
74
26
100
المصدر:جمعت وحسبت من عينة الدراسة لطلاب كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية خلال العام الجامعي 2023/ 2024
وللتأكد مما إذا كانت تلك العلاقات معنوية من الناحية الاحصائية ولاختبار فروض الدراسة أجري اختبار مربع كاي، وأظهرت نتائجه المعروضة في جدول (5) وجود علاقات معنوية إحصائياً بين كل من متغيرات فعالية دور الكلية والجامعة، وسن المبحوث، وحجم الأسرة، وسابق المشاركة في انتخابات عامة ، والمستوي الدراسي، والمستوي الاقتصادي من ناحية ومشاركة المبحوثين في العملية الانتخابية من ناحية أخري، في حين لم تكن العلاقة معنوية إحصائياً بين كل من متغيري الجنس والخلفية الريفية – الحضرية. من ناحية والمشاركة في الانتخابات من ناحية أخري كذلك تظهر النتائج أن علاقة كل من متغيرات السن والمستوي الدراسي والمستوي الاقتصادي بمتغير المشاركة في الانتخابات الرئاسية كانت سالبة في حين أن علاقة كل من متغيرات دور الكلية والجامعة وحجم الأسرة وسابق المشاركة في انتخابات عامة كانت موجبة كما تبين من معاملات Kendall´s Tau-b. إذن يمكن القول بأن تلك النتائج تدعم فروض الدراسة فيما يتعلق بستة متغيرات، ولاتدعمها فيما يتعلق بمتغيرين. ولعل أبرز النتائج تتمثل في وجود علاقة ارتباطية قوية بين متغير دور الكلية والجامعة ومتغير المشاركة في الانتخابات الرئاسية، حيث بلغت قوة هذه العلاقة 0.62 مقاسة بمعامل Kendall´s Tau-b، مما يشير إلي الأهمية البالغة للجهود التي قامت بها الكلية والجامعة في تفعيل عملية مشاركة الطلاب في الانتخابات الرئاسية. ولذا قد يكون من المفيد إلقاء بعض الضوء علي تلك الجهود.
جدول ( 5 ) علاقة متغيرات الدراسة بمتغير المشاركة في الانتخابات الرئاسية معبراً عنها بقيم مربع كاي و معامل Kendall´s Tau-b
المتغيرات
مربع كاي
درجات الحرية
مستوي المعنوية
Kendall´s Tau-b
1. فاعلية دور الكلية والجامعة.
76.951
1
0.000
0.620
2. السن
14.654
2
0.001
-0.253
3. حجم الأسرة
10.630
1
0.001
0.231
4. المشاركة في انتخابات سابقة
9.537
1
0.002
0.218
5.المستوي الدراسي
12.217
3
0.007
-0.214
6.المستوي الاقتصادي
11.720
2
0.003
-0.072
7.الجنس
0.726
1
0.394
0.060
8.الخلفية الريفية الحضرية
0.553
1
0.457
0.053
المصدر:جمعت وحسبت من عينة الدراسة لطلاب كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية خلال العام الجامعي 2023/ 2024
خامساً: دور الكلية والجامعة في مشاركة الطلاب في الانتخابات الرئاسية
سبق الإشارة إلي أن نتائج الدراسة قد أوضحت أن 97.3% من جملة المبحوثين الذين شاركوا في الانتخابات الرئاسية قد ذكروا أن الجهود التي قامت بها الكلية والجامعة كانت فعالة ومؤثرة في دفعهم للمشاركة في الانتخابات. كذلك تبين من نتائج اختبار مربع كاي، ومن قيم معامل الارتباط Kendall´s Tau-bوجود علاقة معنوية قوية موجبة، وارتباط قوي بين دور الكلية والجامعة من ناحية ومشاركة الطلاب في الانتخابات الرئاسية من ناحية أخري .
وقد سعت الدراسة إلي التعرف علي طبيعة الدور الذي قامت به كل من الكلية والجامعة في هذا الشأن والذي يمكن تلخيصه في جدول (6).
جدول ( 6) أدوار الكلية والجامعة في عملية مشاركة الطلاب في الانتخابات الرئاسية
الأدوار
%
1-عمل ندوات للتوعية بأهمية المشاركة والتعريف بإجراءاتها
77.1
2-تسهيل التعرف علي اللجان الانتخابية
8.5
3- توفير وسائل نقل للمغتربين إلي اللجان الانتخابية
7.1
4- تشجيع الطلاب علي الاختيار الحر لأحد المرشحين
7.1
جملة
100
المصدر:جمعت وحسبت من عينة الدراسة لطلاب كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية خلال العام الجامعي 2023/ 2024
ويتضح من هذا الجدول أن أدوار الكلية والجامعة قد تمثلت في عمل ندوات للتوعية بأهمية المشاركة في الانتخابات الرئاسية والتعريف بإجراءاتها (77.1%)، وتسهيل تعرف الطلاب علي اللجان الانتخابية (8.5%)، وتوفير وسائل انتقال للجان الانتخابات للمغتربين (7.1%)، وتشجيع الطلاب علي الاختيار الحر لأحد المرشحين (7.1%) .
وقد أكد رئيس جامعة الاسكندرية في لقاء نشرته صحيفة صدي البلد (2023) علي الدور الحيوي الذي قامت به الجامعة في تنظيم العملية الانتخابية حيث أشار إلي جهود إدارة الجامعة في تسهيل مهمة الإدلاء بالأصوات من خلال توفير وسائل النقل للمنتسبين من الكليات إلي مراكز اللجان الإنتخابية.
سادساً: مطالب الطلاب من الرئيس المنتخب
ذكر المبحوثون من الطلاب عدة مطالب من الرئيس السيسي يأملون أن يحققها خلال فترة ولايته الجديدة. واشتملت قائمة المطالب المبينة في جدول (7) علي 19 مطلباً من أهمها توفير فرص عمل للشباب، وخفض الأسعار، وتطوير التعليم والخدمات الصحية، والقضاء علي العشوائيات، والاستمرار في إقامة المشروعات الحديثة، وإيجاد حلول لازدحام الموصلات، وتوفير حياة كريمة للشعب، واستصلاح الصحراء، وزيادة الاهتمام بالشباب، وحماية الأمن القومي، وتشجيع الاستثمار، والاستمرار في تنمية الريف، وانشاء مدن سياحية، ودعم الأسر الفقيرة، وتشجيع الانتاج المحلي.
ويلاحظ أن هذه القائمة من المطالب تضم مطالب خاصة بتحسين أحوال الشباب، وأخري تتعلق بمواصلة مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مصر، وأخري تتعلق بالمحافظة علي أمن الوطن، مع إشارة خاصة إلي دعم الأسر الفقيرة، وتحسين أحوال الريف.
جدول ( 7 ) التوزيع النسبي لمطالب الطلاب المبحوثين من الرئيس
المطالب
%
1.توفير فرص عمل للشباب
21.7
2.تقليل الأسعار
15.5
3.تطوير التعليم
9.1
4. تطوير منظومة الصحة
6.1
5. القضاء علي العشوائيات
6.1
6. الاستمرار في إقامة المشروعات الجديدة
6.1
7.حل مشكلة ازدحام الموصلات
4.7
8.توفير حياة كريمة للشعب
3.9
9. استصلاح الصحراء
3.9
10. زيادة الاهتمام بالشباب
3.1
11.حماية الأمن القومي
3.1
12. تشجيع الجمعيات الأهلية
3.1
13. تشجيع الاستثمار
3.1
14. إنشاء مدن سياحية
2.3
15. تشجيع الإنتاج المحلي
2.3
16. دعم الأسر الفقيرة
2.3
17. الاستمرار في تنمية الريف
2.3
18. تحسين الأجور
0.7
19. تقليل الاستيراد
0.7
جملة
100
المصدر:جمعت وحسبت من عينة الدراسة لطلاب كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية خلال العام الجامعي 2023/ 2024
وقد يكون من المفيد هنا مقارنة مطالب شباب الطلاب من االرئيس السيسي بالأهداف التي ألزم الرئيس السيسي نفسه بالسعي نحو تحقيقها، بعد إعلان فوزه في الانتخابات الرئاسية (youtube,2023). والتي يمكن تلخيصها فيما يلي:
1.تجديد عهد الرئيس بأن يبذل كل جهد مع الشعب المصري للاستمرار في بناء الجمهورية الجديدة وفق رؤية مشتركة.
2. بناء دولة ديمقراطية تجمع أبناءها في إطار من احترام الدستور والقانون.
3-السير بخطوات ثابتة نحو الحداثة والتنمية مستندة إلي قاعدة راسخة من العلم والتكنولوجيا.
4- المحافظة علي هوية مصر وثقافتها وتراثها.
5. جعل بناء الانسان في مقدمة أهداف الجمهورية الجديدة التي تسعي إلي بناء الحياة الكريمة له.
6. أن تمتلك الدولة القدرات العسكرية والسياسية التي تحافظ علي أمنها القومي ومكتسبات شعبها.
7. استكمال الحوار الوطني بشكل أكثر فعالية وعملية مستفيدين من تلك الحالة الثرية التي أفرزت تنوع الأفكار والرؤي ناتجة عن تنوع المرشحين واتجاهتهم السياسية.
ويلاحظ وجود نقاط مشتركة كثيرة بين مطالب الشباب المبحوثين من الرئيس وما ألزم الرئيس نفسه به من أهداف. غير أن تعهدات الرئيس قد اشتملت عل أهداف بالغة الأهمية لم يذكرها المبحوثون مثل التعهد ببناء دولة ديموقراطية والمحافظة علي هوية مصر وثقافتها.
المناقشة
فيما يلي مناقشة لبعض النتائج التي أسفرت عنها الدراسة بشقيها النظري والميداني:
يبدو من نتائج الدراسة بصفة عامة أن الشباب المصري – وربما معظم فئات الشعب المصري –أصبحوا يعلون من قدر قيم الاستقرار والأمن، ويرونها أكثر أهمية من القيم الاقتصادية والديموقراطية، وإن كانوا يثمنون تلك القيم أيضاً، ولكنهم يدركون أن تحقيق هذه القيم مرهون بتوافر مناخ الاستقرار والأمن، وما أن شعر المصريون – وفي مقدمتهم الشباب – بتزايد الأخطار المحدقة بمصر من كل حدب وصوب، حتي تناسوا متاعبهم الاقتصادية، والتفوا حول قيادتهم يدعمونها، ويقفون وراءها حائط صد منيع ضد الأعداء المتربصين بالوطن، ما ظهر منهم وما بطن، فما زالت ذاكراتهم تعي ما ألم بمصر في أعقاب يناير 2011، وما زالت أعينهم تري ما حل بأشقائنا في دول الربيع العربي.
وقد أوضحت نتائج الدراسة ان الشباب المصري لاتنقصه الدوافع الوطنية، وليس عزوفاً بطبعه عن المشاركه في العمل العام، ولكنه في حاجة إلي إحداث تغييرات في المحيط الذي يعيش فيه يساعده علي الإحساس بقيمته، وتعمل علي تفجير طاقاته وتحويلها إلي عمل ومشاركة إيجابية، سواء في الانتخابات العامة، أو في غيرها من مجالات العمل العام. وقد حدث في السنوات الأخيرة بعض هذه التغيرات من خلال اهتمام القيادة السياسية وبعض أجهزة الدولة بإستحداث آليات تشجع الشباب علي المشاركة في العمل العام، وتمكنه من تقلد بعض المناصب القيادية والتشريعية. ومن بين تلك الآليات الحوار الوطني، ومنتدي شباب العالم، والاكاديمية الوطنية للتدريب والتأهيل، كما نشطت بعض الأحزاب السياسية. كل ذلك أشعر الشباب بإهتمام الدولة بهم وأعاد لهم بعض الثقة المفقودة في قدرتهم علي إحداث التغيير من خلال المشاركة الفعالة في الأنشطة المجتمعية العامة، ومن بينها الإنتخابات الرئاسية.
ومما لا شك فيه أن المشاركة الفعالة للشباب تعمق القيم الديموقراطية، وتساعد علي التغلب علي الممارسات الاستبدادية، وإذا لم يتح للشباب الاشتراك في صنع القرارات، فقد يتولد لديهم شعور كبير بالاحباط قد يؤدي إلي الاحتجاجات التي قد تؤدي بدورها إلي الإطاحة بالنظم الاستبدادية.
وأوضحت نتائج الدراسة أيضاً أن الجهود التي بذلتها الأحزاب السياسية والجامعات والمنظمات الشبابية وكثير من جهات العمل في حشد منتسبيها كان له أثر كبير علي ارتفاع نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية. وقد يري البعض في ذلك شيئاً سلبياً إذ قد ينظرون إليه علي أنه نوع من ممارسة الإجبار علي منتسبي هذه الهيئات من أجل دفعهم للمشاركة وانتخاب مرشح بعينه. ولكننا لا نتفق مع هذا الرأي، فالحشد والحملات الانتخابية أمر شائع في جميع البلدان الديموقراطية، كما أن الناخب عندما يختلي بنفسه وراء الستار في مراكز الاقتراع لا يحكمه في الاختيار إلا ضميره وإرادته الحرة. وكما يقول المثل قد تستطيع أن تقود الجواد إلي النهر ، ولكنك لا تستطيع أن تجبره علي أن يشرب.
المقترحات
في ضوء التحليل النظري والنتائج التي توصلت إليها الدراسة والمناقشة التي أعقبتها تتقدم الدراسة بالمقترحات التالية:
1.أهمية تكاتف جهود جميع قطاعات المجتمع المصري مع القيادة السياسية، والمؤسسات الدستورية، والأجهزة التنفيذية ، والأحزاب السياسية، ومنظمات المجتمع المدني في العمل علي تحقيق تعهدات الرئيس السيسي بالعمل علي بناء دولة ديموقراطية في إطار إحترام الدستور والقانون، والسير بخطوات ثابتة نحو الحداثة والتنمية مستندة إلي قاعدة ؤاسخة من العلم والتكنولوجيا، والمحافظة علي هوية مصر وثقافتها، وجعل بناء الانسان في مقدمة أهداف الجمهورية الجديدة، ووتملك القدرات العسكرية والسياسية التي تحافظ علي أمن مصر القومي ومكتسبات شعبها.
2. أهمية استمرار جهود الدولة في مجال تمكين الشباب من المشاركة في عملية صنع القرارت السياسية، وأتاحة الفرص لهم في تولي الأدوار القيادية.
3. لعل تحقيق المقترح السابق يكون عاملاً مشجعاً للإسراع في إعادة المجالس الشعبية المحلية التي تم حلها عقب أحداث يناير 2011، وذلك من أجل توسيع قرص الشباب في المشاركة في الشئون العامة لمجتمعاتهم المحلية، للاستفادة من طاقاتهم الخلاقة في دفع مسيرة التنمية، والحفاظ علي مكتسباتها، بالإضافة إلي صقل مهاراتهم القيادية، وتأهيلهم لتولي عجلة القيادة علي المستويات الأعلي مستقبلاً.
4. الاستفادة بالأفكار والرؤي الخاصة بالمرشحين الذين تنافسوا علي الرئاسة، والتي تنوعت نتيجة لتنوع اتجاهاتهم السياسية، ومناقشة تلك الأفكار من خلال الحوار الوطني الذي ينبغي أن يستمر بشكل أكثر فعالية وأن يعطي أهمية أكبر لمواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر في الوقت الحالي، وأن تلقي مقترحات الحوار البناءة استجابة من أجهزة الدولة، وأن تضعها موضع التطبيق.
5. أهمية أن تستفيد الأحزاب السياسية من الزخم الذي صاحب الانتخابات الرئاسية، وأن تطور أساليب عملها، وأن تكون أكثر التصاقاً بالجماهير، وآلا يقتصر ظهورها غلي فترات الإنتخابات، فالأحزاب هي المجال الشرعي للمارسة السياسية وإعداد الكودار القيادية المستقبلية، وعليها أن تهتم بإعداد شبابها للمشاركة الفعالة في شئون مجتمعهم، وأن تضرب المثل في الديموقراطية، وتناوب المناصب القيادية بها، وعليها أن تستفيد من بعض الآليات الفعالة للتواصل والتنسيق بين شباب الأحزاب المختلفة مثل تنسيقية الأحزاب التي لعبت دوؤاً إيجابياً في تحفيز المشاركة الشبابية في الإنتخابات الرئاسية الأخيرة.
6. أهمية إعادة التفكير في إعادة بعض الأنشطة السياسية للطلاب بالجامعات مع وضع الضوابط الكفيلة بعدم تسرب العناصر المتطرفة إليها، وعدم تبنيه للأيدولوجيات المثيرة للفتنة والتعصب بين فئات المجتمع المختلفة، وذلك من أجل إعداد كوادر سياسية مثقفة يمكنها تولي المناصب القيادية والإدارية العليا مستقبلاً.
7. أهمية أن تحرص الجامعات والمعاهد العليا ومنظمات الشباب علي عقد ندوات التوعية السياسية للشباب، خاصة قبيل الانتخابات العامة، وأن تيسر لهم سبل الوصول إلي لجان الانتخابات، خاصة للمغتربين منهم، حيث أكدت الدراسة علي الأهمية الكبيرة للدور الذي لعبته كلية الزراعة وجامعة الاسكندرية في تحفيز وتشجيع طلابها علي المشاركة الفعالة في الانتخابات الرئاسية مما كان له أبلغ الأثر في رفع نسبة المشاركة.
References
1.السيسي، عبد الفتاح (2023) كلمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعد إعلان فوزة في الانتخابات الرئاسية Youtube, Dec. 18, 2023.
2.العزبي ، محمد ابراهيم (1987) المشاركة والعمل الاجتماعي بالمجتمع الريفي المحلي في: فتح الله هلول وآخرون – قراءات في علم الاجتماع الريفي، قسم المجتمع الريفي، كلية الزراعة، جامعة الاسكندرية.
3. العزبي، محمد ابراهيم (2017) كيفية تصميم وتحديد حجم العينة في الدراسات الاجتماعية ، الاسكندرية، دار الطباعة الحرة.
4. اليوم السابع (2023) دراسة للمركز المصري تكشف أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية تزيد عن 65% والشباب في مقدمة الصفوف الأولي.
5. اليوم السابع (2012)121616/story/ m.youm7.com
6. صدي البلد – صحيفة يومية ( 2023) عدد 11/12/ 2023. رئيس جامعة الاسكندرية يشارك في انتخابات 2024.
7. عبد العزيز، عبد الله حنفي (2020) تأثير ظاهرة الامتناع عن التصويت علي الديموقراطية، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، المنوفية ، العدد (51) الجزء الأول.
8. ويكيبديا –تصويت (سياسة ) / wiki / ar.m.wikipedia
9.Arab News (2023) الشباب يقودون إقبالاً قياسياً علي الانتخابات الرئاسية في مصر
10. Anderson, Bo and D. Willer (1981) Networks, Exchange and Coerction: The Elementary Theory and its Applications. New York: Elsevier.
11. Blau, peter M (1964) Exchange and Power in Social Life. New York:WILEY and SONS.
12. Elezaby Mohamed I. (1985) Impact of Situational and Orientational Factors on Residents Contribution Community Field Structure A case Study. Ph.D. dissertation. Iowa State University, Ames, Iowa, USA.
13. Homans, George C. (1974) Social Behavior: Its Elementary Forms. New York. Harcourt, Brace.
14. Maslow, Ibraham (1943) A Theory of Human Motivations. Psychological Review 50: 370-396.
15. Parsons, Talcot (1937) the Structure of Social Action. New York: Mcgraw-Hill.
16. Yamane, Taro (1967) Statistics: An Introductory Analysis, 2nd Ed., New York: Harper and Row.